مقدمـــــــة
كم احن الى كتابة القصص القصيرة ولاسيما اذا كانت تحمل بين طياتها ما تعانيه نفسى او تعانيه نفس قريبة الى قلبى غالية على روحى ووجدانى
وقد وجدت قصتى من هذه الظروف مرتعا خصبا لكى يقوم لها قائمة وهى ذات الموضوع الشائق الشائك المفعم بالمشاعر المضادة بين الحب والبغض ، والالم والامل ، والانتصار والانكسار والقرب والبعد والفظاعة والشناعة حتى لم يعد بين قوس الصبر منزع ولا ما بين صواب السهم وطواشه
وتبدأ القصة كما تبدأ معظم قصصنا فى مجتمعنا الشرقى التى تحكمها التقاليد البالية وتنتهى الى عتبة منزلق يهوى الى قاع سحيق ليس من السهل الخروج منه
القصة
جلس خيرى افندى على كرسييه المعتاد فى مؤخرة المائدة الذى اعتاد الجلوس عليه حينما يكون الحوار فى امر يهم الاسرة وزوجته جالسة فى الجانب الايمن منه
الاب :أكاد أجن ياسعاد من مجرد التخيل ان ابنتى ستتزوج وتترك مع زواجها المنزل التىتربت فيه وهى طفلة وترعرع فيه صباها ويأتى غريب بعيد لكى يخطفها من بين احضاننا
- الام : هذه هى سنة الحياة ياابو علياء، صحيح اننى لا أقل عنك مشاعرا فانا لا اتصور الافتراق عن ابنتى وكم كنت اود ان اطلب بل اشترط على الخاطب ان تبقى ابنتنا فى احضاننا ويجمعنا مكان واحد
- الاب : لاشك ان هذه انانية منى ومنكى ولكننى مع ذلك ارى بعين الخيال صورة قاتمة فى غيابها عنا ولا اعلم لماذا لم اتشددمع هذا الخاطب كما سبق ان تشددت مع كل خاطب ، وتعنت مع كل راغب واحاول ان اجد فيه عيوبا بالحق أوالباطل، واخلق عيبا وهميا ليحول دون قران ابنتى
- الام بالرغم من ان كل ام تنتظر بلهفة هذه اللحظة ولكن فى حقيقتنا وما ينتابنا من مشاعر يتناقض تماما مع مانحن فيه من شغف مولع باستبقاء ابنتنا الى جوارنا فقد تعودنا ذلك منذ مولدها وكلما تقدم بنا السن واقتربنا من الشيخوخة واقتربت هى من الشباب زاد تعلقنا وتمسكنا بها واحسسنا باستحالة استغنائنا عنها
وساعتها زايل الاب الهدوء واخفى وجهه بين يديه وهو يطلق صرخة الم وراح يناشدهواجسه التى لم تقل عن هواجسها وتمتم قائلا
- اتركينى .. اتركينى ( وكان فى منظر حزن الاب واستسلامه المطلق ما يحرك النفس ويثير كوامن اساها )
وفى الحين تركته زوجته لنفسه بعد ان جّللت بصرها فى ارجاء الحجرة بنظرة خاطفة من تلك النظرات التى بها ترى المرأة كل شئ فى ومضة عين ... والمرأة تحتفظ دائما بسرعة خاطرها حتى وهى تقوم بدور المواسية لنفسها ولزوجها واعقبت
- دع الامور تجرى فى معنتها فان الله يغير حال بعد حال
وقد كانت فى لهجتها الشجية الحزينة ما لم يستطع الاب مقاومة جاذبيتها ففى صوتها شجا يفضح العاطفة التى فى قلبها والآمال التى هى نفسها تجهل كنهها
وزفر الاب قائلا
- آه ولو علمت ما فى قلبـــــــــى
*******
دارت الايام ودارت معها الاحداث والتقت الام بربها لقاء لا عودة فيه الى دنياها
والتقت الابنه باحضان زوجها وان كان عقلها لم يزل مشغولا بابيها الوحيد بعد ان فقد زوجته فى عالم البقاء وفقدها هى فى عالم الفناء
وكانت الابنه تترددعلى والدها من حين الى آخر وتقضى معه الوقت الذى يكلف فيه زوجها بمأموريات محدوده
الا ان انه بعد فترة اجتمع قرار ترقيته بقرار نقله الى احدى المحافظات النائية وكان طبيعيا ان يطلب من زوجته مرافقته الى مقر عمله الجديد ، وعند عرضها الامر فى حديث عابر مع والدها الوحيد الذى انهى الحديث وغادر الحجرة باكيا منتحبا مما اثار حفيظة الابنه وما كان منها الا ان رفضت مرافقة زوجها، فكان منه ان هددها بالانفصال اذا لم تستجب لمرافقته واصرت الزوجة على موقفها واصر الزوج على قراره وتم الانفصال
وارتضت الابنه الاقامة مع ابيها ، الا انها لاحظت بعد فترة غياب ابيها عن المنزل لمدد طويلة اثناء الليل وصاحب هذا التغيب تردد احدى السيدات لزيارتهم التى كان لوالدها علاقة عاطفية قبل اقترانه بامها وكثيرا ما كانت تسمع عتاب امها لابيها من ذكره لسيرتها وجمالها وخفتها ورقتها فكما اصابت الغيرة الام قبل وفاتها اصابت الابنه وطلبت من ابيها عدم تردد هذه السيدة عليهم سواء بالزيارة او بالسؤال
واراد الاب ان يشغل بال ابنته عن هذه السيدة بشغلها بامر رجوع طليقها الذى كان هو سببا فى هذا الانفصال فاجتهد بان يكلف وسيطا لرجوع المياه الى مجاريها وادعى ان هذا برغبة ابنته دون علمها فى الوقت الذى علمت هى ايضا مؤخرا عن طريق هذا الوسيط بامر طلب رجوعها
ودار بين الاب وابنته عتابا شديدا ومؤلما ولسوء حظ الاب ان باب الشقة كان مواربا فى مستهل دخول كل من المطلق والسيدة الذى تصادف وجودهما على درج السلم بجوار الباب الموارى فى وقت واحد وسمعا ما دار بين الاب وابنته
- الابنه لوالدها : باى حق يا والدى تتكلم باسمى فى امر يتعلق بمستقبلى ومصيرى ومن باب اولى ان ترجع لى فى هذا الامرقبل ان يتم اى اتصال سيما ان عاطفتى قد فترت نحو هذا الشخص ولا احمل حاليا اى احساس ناحيته لتصرفه الاحمق وعدم تقديره لهذا الظرف واسراعه بالانفصال لامر كان من الممكن تداركه وعلاجه فهو لا امان له ولا ثقة فيه، او انك تحاول تهيئة الاجواء لهذه السيدة التى اكتوت امى بنارها
-الاب : اننى حينما لجأت للوساطة بينك وبين طليقك فكان ذلك من تأنيب ضميرى الشديد وانا اشعر بان الانفصال تم بسببى فابت على نفسى الا ان اوصل ما انقطع
اما عن هذه السيدة فاننى لا احمل لها اى عاطفة كانت ولا يتعدى الامر اكثر من المصلحة الشخصية البحته وكل ما هنالك انها عرضت على ان اتولى ادارة محلاتها وفى الحقيقة اننى لا اطيق مكانا يجمعنا او زمانا يقربنا
- الابنه : اذن يا ابى اوثق معى عهدا بقطع علاقتك بها وانا عن نفسى لن اقبل رجوعى لهذا الشخص
- الاب : ان هذا الامر قد ةفات اوانه فما يربطنى بها اقوى من كل عقد وعهد فاننى مرتبط معها بعقد عرفى
وهنا ركبت الابنه عصبيتها من هول المفاجأة وغادرت الحجرة فى طريقها الى خارج المنزل وبخروجها وجدت الباب مواربا وخلفه طليقها والسيدة وهما يرجعان ادراجهما خارج المنزل بعد ان سمعا ما سمعاه واتجه الاب الى النافذة التى تطل على الشارع لينادى على ابنته وقد رأى الكل وهم يغادرونه بدون عودة الابنه والطليق والزوجة العرفية
الفاروق
كم احن الى كتابة القصص القصيرة ولاسيما اذا كانت تحمل بين طياتها ما تعانيه نفسى او تعانيه نفس قريبة الى قلبى غالية على روحى ووجدانى
وقد وجدت قصتى من هذه الظروف مرتعا خصبا لكى يقوم لها قائمة وهى ذات الموضوع الشائق الشائك المفعم بالمشاعر المضادة بين الحب والبغض ، والالم والامل ، والانتصار والانكسار والقرب والبعد والفظاعة والشناعة حتى لم يعد بين قوس الصبر منزع ولا ما بين صواب السهم وطواشه
وتبدأ القصة كما تبدأ معظم قصصنا فى مجتمعنا الشرقى التى تحكمها التقاليد البالية وتنتهى الى عتبة منزلق يهوى الى قاع سحيق ليس من السهل الخروج منه
القصة
جلس خيرى افندى على كرسييه المعتاد فى مؤخرة المائدة الذى اعتاد الجلوس عليه حينما يكون الحوار فى امر يهم الاسرة وزوجته جالسة فى الجانب الايمن منه
الاب :أكاد أجن ياسعاد من مجرد التخيل ان ابنتى ستتزوج وتترك مع زواجها المنزل التىتربت فيه وهى طفلة وترعرع فيه صباها ويأتى غريب بعيد لكى يخطفها من بين احضاننا
- الام : هذه هى سنة الحياة ياابو علياء، صحيح اننى لا أقل عنك مشاعرا فانا لا اتصور الافتراق عن ابنتى وكم كنت اود ان اطلب بل اشترط على الخاطب ان تبقى ابنتنا فى احضاننا ويجمعنا مكان واحد
- الاب : لاشك ان هذه انانية منى ومنكى ولكننى مع ذلك ارى بعين الخيال صورة قاتمة فى غيابها عنا ولا اعلم لماذا لم اتشددمع هذا الخاطب كما سبق ان تشددت مع كل خاطب ، وتعنت مع كل راغب واحاول ان اجد فيه عيوبا بالحق أوالباطل، واخلق عيبا وهميا ليحول دون قران ابنتى
- الام بالرغم من ان كل ام تنتظر بلهفة هذه اللحظة ولكن فى حقيقتنا وما ينتابنا من مشاعر يتناقض تماما مع مانحن فيه من شغف مولع باستبقاء ابنتنا الى جوارنا فقد تعودنا ذلك منذ مولدها وكلما تقدم بنا السن واقتربنا من الشيخوخة واقتربت هى من الشباب زاد تعلقنا وتمسكنا بها واحسسنا باستحالة استغنائنا عنها
وساعتها زايل الاب الهدوء واخفى وجهه بين يديه وهو يطلق صرخة الم وراح يناشدهواجسه التى لم تقل عن هواجسها وتمتم قائلا
- اتركينى .. اتركينى ( وكان فى منظر حزن الاب واستسلامه المطلق ما يحرك النفس ويثير كوامن اساها )
وفى الحين تركته زوجته لنفسه بعد ان جّللت بصرها فى ارجاء الحجرة بنظرة خاطفة من تلك النظرات التى بها ترى المرأة كل شئ فى ومضة عين ... والمرأة تحتفظ دائما بسرعة خاطرها حتى وهى تقوم بدور المواسية لنفسها ولزوجها واعقبت
- دع الامور تجرى فى معنتها فان الله يغير حال بعد حال
وقد كانت فى لهجتها الشجية الحزينة ما لم يستطع الاب مقاومة جاذبيتها ففى صوتها شجا يفضح العاطفة التى فى قلبها والآمال التى هى نفسها تجهل كنهها
وزفر الاب قائلا
- آه ولو علمت ما فى قلبـــــــــى
*******
دارت الايام ودارت معها الاحداث والتقت الام بربها لقاء لا عودة فيه الى دنياها
والتقت الابنه باحضان زوجها وان كان عقلها لم يزل مشغولا بابيها الوحيد بعد ان فقد زوجته فى عالم البقاء وفقدها هى فى عالم الفناء
وكانت الابنه تترددعلى والدها من حين الى آخر وتقضى معه الوقت الذى يكلف فيه زوجها بمأموريات محدوده
الا ان انه بعد فترة اجتمع قرار ترقيته بقرار نقله الى احدى المحافظات النائية وكان طبيعيا ان يطلب من زوجته مرافقته الى مقر عمله الجديد ، وعند عرضها الامر فى حديث عابر مع والدها الوحيد الذى انهى الحديث وغادر الحجرة باكيا منتحبا مما اثار حفيظة الابنه وما كان منها الا ان رفضت مرافقة زوجها، فكان منه ان هددها بالانفصال اذا لم تستجب لمرافقته واصرت الزوجة على موقفها واصر الزوج على قراره وتم الانفصال
وارتضت الابنه الاقامة مع ابيها ، الا انها لاحظت بعد فترة غياب ابيها عن المنزل لمدد طويلة اثناء الليل وصاحب هذا التغيب تردد احدى السيدات لزيارتهم التى كان لوالدها علاقة عاطفية قبل اقترانه بامها وكثيرا ما كانت تسمع عتاب امها لابيها من ذكره لسيرتها وجمالها وخفتها ورقتها فكما اصابت الغيرة الام قبل وفاتها اصابت الابنه وطلبت من ابيها عدم تردد هذه السيدة عليهم سواء بالزيارة او بالسؤال
واراد الاب ان يشغل بال ابنته عن هذه السيدة بشغلها بامر رجوع طليقها الذى كان هو سببا فى هذا الانفصال فاجتهد بان يكلف وسيطا لرجوع المياه الى مجاريها وادعى ان هذا برغبة ابنته دون علمها فى الوقت الذى علمت هى ايضا مؤخرا عن طريق هذا الوسيط بامر طلب رجوعها
ودار بين الاب وابنته عتابا شديدا ومؤلما ولسوء حظ الاب ان باب الشقة كان مواربا فى مستهل دخول كل من المطلق والسيدة الذى تصادف وجودهما على درج السلم بجوار الباب الموارى فى وقت واحد وسمعا ما دار بين الاب وابنته
- الابنه لوالدها : باى حق يا والدى تتكلم باسمى فى امر يتعلق بمستقبلى ومصيرى ومن باب اولى ان ترجع لى فى هذا الامرقبل ان يتم اى اتصال سيما ان عاطفتى قد فترت نحو هذا الشخص ولا احمل حاليا اى احساس ناحيته لتصرفه الاحمق وعدم تقديره لهذا الظرف واسراعه بالانفصال لامر كان من الممكن تداركه وعلاجه فهو لا امان له ولا ثقة فيه، او انك تحاول تهيئة الاجواء لهذه السيدة التى اكتوت امى بنارها
-الاب : اننى حينما لجأت للوساطة بينك وبين طليقك فكان ذلك من تأنيب ضميرى الشديد وانا اشعر بان الانفصال تم بسببى فابت على نفسى الا ان اوصل ما انقطع
اما عن هذه السيدة فاننى لا احمل لها اى عاطفة كانت ولا يتعدى الامر اكثر من المصلحة الشخصية البحته وكل ما هنالك انها عرضت على ان اتولى ادارة محلاتها وفى الحقيقة اننى لا اطيق مكانا يجمعنا او زمانا يقربنا
- الابنه : اذن يا ابى اوثق معى عهدا بقطع علاقتك بها وانا عن نفسى لن اقبل رجوعى لهذا الشخص
- الاب : ان هذا الامر قد ةفات اوانه فما يربطنى بها اقوى من كل عقد وعهد فاننى مرتبط معها بعقد عرفى
وهنا ركبت الابنه عصبيتها من هول المفاجأة وغادرت الحجرة فى طريقها الى خارج المنزل وبخروجها وجدت الباب مواربا وخلفه طليقها والسيدة وهما يرجعان ادراجهما خارج المنزل بعد ان سمعا ما سمعاه واتجه الاب الى النافذة التى تطل على الشارع لينادى على ابنته وقد رأى الكل وهم يغادرونه بدون عودة الابنه والطليق والزوجة العرفية
الفاروق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق